منشورات جديدة

لغز قصة القضية فيها إن

لا أظن احدا لا يعلم المثل القائل { الموضوع فيه إنّ }, حتى انها أصبحت شيئا مألوفا في حياتنا اليومية، ونجدها مستعملة باللهجات المحلية عند كل العرب، ورمز لأي شيء فيه جدل او شك. فبمجرد الريبة والشك تظهر إلى السطح القضية فيها إن.

لغز قصة القضية فيها إن

ما قصة هذه الـ "إنّ " ؟ و ما أصل هذه الكلمة التي طالما تستعمل دائما فيه شك، وسوءُ نية " الموضوع فيه إنّ " !!

💥فما قصة هذه ال إنّ؟ وما اصل هذه العبارة؟

المثل الشهير "الموضوع فيه إنّ" هو تعبير يستخدم في اللغة العربية للإشارة إلى وجود شك أو ريبة في موقف ما، أو عندما يكون هناك نية خفية أو شيء مريب وراء ما يجري.

ترجع قصة هذا المثل إلى مدينة حلب في زمن مضى، حيث كان هناك أمير ذكي وشجاع يُدعى "علي بن مُنقذ"، وكان تحت حكم ملك يُدعى "محمود بن مرداس". كان هذا الملك، مثل كثير من الملوك في تلك الحقبة، يعاني من الشكوك تجاه من حوله، وأثارته بعض الشكوك تجاه الأمير علي بن مُنقذ، مما دفعه للتفكير في التخلص منه.

فطن الأمير إلى نية الملك الغادرة، فقرر الفرار من حلب إلى دمشق ليبتعد عن خطر الملك. وعندما علم الملك بهروب الأمير، أراد أن يستدرجه للعودة إلى حلب، فطلب من كاتبه أن يكتب رسالة إلى الأمير يدعوه فيها للعودة، مع تطمينات بعدم وجود أي نية سيئة تجاهه.

كان الكاتب في تلك الفترة شخصية محورية في البلاط الملكي، ليس فقط لأنه يقوم بصياغة الرسائل الرسمية، بل لأنه غالبًا ما يكون ذكيًا وذا بصيرة تمكنه من فهم ما بين السطور. وفي بعض الأحيان، كان الكتاب يصلون إلى مرتبة الملك إذا خلا العرش. وعليه، كان الكاتب في هذا الموقف مدركًا لنيات الملك الحقيقية، رغم ما بدا في الرسالة من ود وتطمين.

لتنبيه الأمير إلى نوايا الملك الحقيقية، كتب الكاتب الرسالة بشكل عادي جدًا، لكنه في نهايتها تعمد كتابة عبارة "إنّ شاء الله" بتشديد النون في "إنّ". كان هذا التشديد غير معتاد في هذا السياق اللغوي، مما لفت انتباه الأمير علي بن مُنقذ فور قراءته للرسالة. فالأمير كان يعرف جيدًا مهارة الكاتب ودقته في الكتابة، لذا أدرك فورًا أن هذا الخطأ اللغوي المقصود يحمل وراءه تحذيرًا مبطنًا.

استرجع الأمير في ذهنه الآية القرآنية "إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ"، ففهم أن الكاتب يحذره من نية الملك في الغدر به. وبدلاً من الاستسلام للقلق أو الوقوع في الفخ، قرر الأمير الرد على الرسالة بشكل ذكي ومبطن، فأرسل رسالة يشكر فيها الملك على اهتمامه، ويؤكد على ولائه وثقته فيه، لكنه ختم رسالته بعبارة "إنّا الخادم المقرّ بالإنعام"، مشددًا النون في "إنّا"، وهو خطأ مشابه لذلك الذي ارتكبه الكاتب عمدًا.

عندما قرأ الكاتب رد الأمير، فهم أن الأمير قد تلقى التحذير واستوعبه، وأدرك أنه لن يعود إلى حلب طالما أن الملك الحالي في السلطة. بلغة القرآن، رد الأمير بتلميح إلى الآية "إِنَّا لَن نَدْخُلَهَا أَبَدًا مَّا دَامُوا فِيهَا"، مما عزز الفهم المشترك بينه وبين الكاتب بأن العودة إلى حلب تعني الموت المحتوم.

منذ ذلك الحين، انتشرت عبارة "الموضوع فيه إنّ" بين الناس للدلالة على وجود شيء مريب أو نوايا غير معلنة. وصارت تُستخدم للإشارة إلى موقف يحتاج إلى التحقق والتدقيق، خاصة عندما يشعر الشخص بوجود غموض أو خداع محتمل.

تعكس هذه القصة قوة اللغة والتواصل غير المباشر في تفادي المخاطر والتلاعب بالمواقف. كما أنها تسلط الضوء على أهمية الفطنة والذكاء في فهم ما وراء الكلمات، واستخدام تلك الفطنة كوسيلة للبقاء والتكيف في مواقف الحياة المعقدة. 

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-